; ألوان الهيدروجين: قوس قزح طاقة المستقبل - طاقة الشرق TAQAMENA
آخر الأخبار

ألوان الهيدروجين:
قوس قزح طاقة المستقبل

الهيدروجين: أسود، رمادي، أزرق، فيروزي، أخضر، أحمر، أصفر الخ...

طاقة الهيدروجين حققت حلم الوصول إلى القمر، فهل تحقق حلم الوصول إلى الطاقة النظيفة وإنقاذ الأرض من الانتحار بالالتزام بهدف اتفاقية باريس بالمحافظة على ارتفاع متوسط الحرارة دون 1.5 درجة مئوية. وما هي أبرز أنواع أو ألوان الهيدروجين. حيث جرى العرف للتميز بينها تبعاً لألوان محددة تعكس مدى خلو الهيدروجين من الكربون. 

ما يبرر السؤال هو الاندفاعة القوية خلال العامين الماضيين من قبل الدول وكبريات الشركات بما فيها شركات النفط للاستثمار المكثف في طاقة الهيدروجين. بهدف تطوير التكنولوجيا لإنتاجه وإنشاء البنية الأساسية لنقله وتخزينه، وتوسيع مجالات استخدامه. الأمر الذي يسمح بالقول ان الهيدروجين سيكون مكوناً رئيسياً في مزيج الطاقة العالمي وفي مزيج الطاقة النظيفة تحديداً. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية ان يستأثر الهيدروجين بحوالي 20 في المئة من الطلب العالمي على الطاقة في العام 2050.

أهمية طاقة الهيدروجين 

يتميز الهيدروجين بأنه العنصر الأكثر وفرة في الكون، وبأنه المصدر الأقوى للطاقة بعد الوقود الأحفوري، ما يجعله الخيار الأنسب من الكهرباء في القطاعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة مثل النقل البحري والجوي، وتشغيل المعدات والآليات الكبيرة. إضافة إلى الصناعات الثقيلة وتوليد الكهرباء. ويقتصر حاليا استخدام الهيدروجين على صناعة تكرير النفط وانتاج الأسمدة النيتروجينية. يتم استخدام 73 مليون طن متري سنوياً من الهيدروجين النقي من قبل الصناعة أثناء تكرير النفط (60٪) وإنتاج الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية (40 ٪). ويختصر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول الوضع  بقوله “تتمتع طاقة الهيدروجين بدعم سياسي وتجاري غير مسبوق، فالدوافع السياسية باتت أقوى وأوضح، والتكنولوجيا باتت أكثر نضجًا وتطوراً، والأسواق باتت أكثر استعدادًا لتقبلها والتكيف معها”.

ترافق التوجه لزيادة على الهيدروجين مع بروز أنواع متعددة منه، يختلف كل منها عن الآخر بكيفية الحصول عليه. ومع أن الهيدروجين غاز عديم الرائحة واللون، لكن تم اعتماد طريقة ألوان الهيدروجين للتمييز بينها. ونستعرض في ما يلي أبرز هذه الأنواع.

 الهيدروجين الأسود

يتم استخراجه من الفحم بلونيه الأسود أو البني، من خلال تحويله من حالته الصلبة إلى غاز الميثان الذي يتفاعل مع الأوكسجين تحت درجة حرارة وضغط مرتفعين لإنتاج مزيج من الهيدروجين وأول وثاني أكسيد الكربون.

تقدر التكلفة بين 1.2 و 2 دولار لكل كلغ، وعيبه الأساسي ضخامة  كمية ثاني أكسيد الكربون المرافقة للإنتاج، التي بلغت في العام 2020 حوالي 830 مليون طن.

تشير التوقعات إلى نمو سوق الهيدروجين البني ليصل في العام 2030 إلى حوالي 50 مليار دولار مقابل من 30.5 مليار دولار في العام 2020 . وأطلق عليه اللون الأسود لأنه الأكثر تلويثاً بين ألون الهيدروجين.

الهيدروجين الرمادي

يتم استخراجه من الوقود الأحفوري والغاز تحديداً الذي يتم تحويله عند درجة حرارة وضغط مرتفعين إلى هيدروجين وثاني أكسيد الكربون من خلال تفاعل كيميائي محفز. تقدر التكلفة بحوالي دولار لكل كلغ. ولكن عيبه أيضاً انه غير صديق للبيئة، إذ يتم إنتاج ما بين 9 و 12 طن من ثاني أكسيد الكربون مقابل كل طن من الهيدروجين.

ومع أنه تم إنشاء أول مصنع لإنتاجه في ثلاثينيات القرن الماضي من قبل شركتي Imperial Chemical Industries ، المعروفة اليوم باسم AstraZeneca وستاندرد أويل التي تضم حاليا شيفرون وأكسون موبيل، ولكن تم إهمال انتاجه حتى العام 2019 حين قام  كونسورتيوم مكون من 28 شركة تضم شل وتوتال بالتعهد أمام مؤتمر المناخ كوب 26، بإنتاج الهيدروجين الرمادي مع كميات أقل من الكربون.

إنتاج الهيدروجين الأزرق مع إعادة تخزين الكربون

الهيدروجين الأزرق

يتم إنتاجه من الغاز الطبيعي، بنفس تقنية إنتاج الرمادي ولكنها تتضمن آلية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وتخزينه أو إعادة استخدامه في ما بات يعرف بالاقتصاد الدائري للكربون. بدلاًَ من ضخه في الهواء. ولكن التوسع باستخدام هذا النوع يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لتطوير تقنيات الالتقاط والتخزين والاستخدام.

تقدر التكلفة كما في العام 2021، بحوالي 2.6 دولار لكل كلغ، وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تراجعاً سريعاً في التكلفة في حال ضخ استثمارات كافية لتطوير تقنيات الإنتاج والاحتجاز والتخزين.

الهيدروجين الفيروزي

ينتج من الغاز الطبيعي ولكن فارق أساسي عن الأزرق، هو استخدام تقنية التحلل الحراري، لإنتاج الهيدروجين والكربون الصلب بدون انبعاثات تذكر لغاز الكربون. وهناك عدد من المصانع التجريبية لإنتاج هذا النوع من الفحم مع نسبة من الوقود الحيوي. إضافة إلى دراسة توسيع أسواق الكربون الصلب.  

تبلغ التكلفة الحالية حوالي 1.5 دولار لكل كلغ، وطبعاً ستنخفض كثيراً لتصل إلى أقل من نصف دولار مع توسع أسواق الكربون. وتمت إقامة أول مصنع للهيدروجين الفيروزي في نبراسكا الأميركية من قبل شركة مونوليث ماتيريلز التي تساهم فيها شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

يجذب الهيدروجين الفيروزي العديد من مؤيدي طاقة الهيدروجين لأنه يسد الفجوة الموجودة داخل الصناعة، خاصة وأنه يستفيد من سلاسل القيمة الهيدروكربونية الحالية دون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عملية الإنتاج.

الهيدروجين الأخضر أنظف ألوان الهيدروجين

صديق البيئة بدون منازع، إذ يم تم انتاجه بعملية التحليل الكهربائي للماء لفصل الأوكسيجن عن الهيدروجين، وذلك باستخدام مصادر متجددة للكهرباء. لذلك يمتاز بانعدام انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. يعاني هذا النوع من مشكلتين؛ الأولى ارتفاع التكلفة، التي تقدر حالياً بحوالي 6 دولارات لكل كلغ. وتم تحديد عتبة 2 دولار لكل كلغ كنقطة تحول ليصبح خياراً ملائماً للاستخدام على نطاق واسع في قطاعات عدة. والثانية الحاجة إلى كميات ضخمة من الطاقة الكهربائية النظيفة لانتاجه. وتتوقع شركة PWC، أن يشهد الطلب على الهيدروجين الأخضر نمواً بوتيرة معتدلة حتى العام 2030 ومن ثم يتسارع بمعدلات عالية ليصل في العام 2050 إلى حوالي 500 مليون طن.

ومن بين الشركات الرئيسية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، نذكر: Bloom Energy Corp، و Plug Power، و Next Hydrogen Solutions، و Fusion Fuel Green، و ITM Power، و NEL وغيرها. كما شهدت الفترة السابقة دخول قوي لشركات النفط العالمية. 

عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر

الهيدروجين الأحمر

يتم انتاجه مثل الهيدروجين الأخضر عبر التحليل الكهربائي للماء ولكن باستخدام الطاقة النووية كمصدر للطاقة. يشار إليه أيضاَ باسم الهيدروجين الأرجواني أو القرنفلي. تتراوح التكلفة الحالية بين 3 و 6 دولارات لكل كلغ. وتقدر وزارة الطاقة الأميركية أن تنخفض التكلفة بفضل الأنظمة النووية الهجينة (الحرارة المتبقية والكهرباء) إلى 1 دولار/كلغ خلال العقد القادم.

من أبرز الشركات الناشطة في هذا المجال: PNW Hydrogen، و شركة الكهرباء الفرنسية.  وكانت شركة الطاقة السويدية وشركة الغاز الصناعي في لندن Linde، أول من أنتج الهيدروجين الأحمر في محطة Oskarshamn  للطاقة النووية في السويد.

الهيدروجين الأبيض او الجيولوجي

هذا النوع من صنع الطبيعة، ويتواجد كغاز حر في القشرة المحيطية للأرض في أنحاء متعددة من العالم. وتم اكتشاف مكامن تحتوي كميات كبيرة من الهيدروجين في الجرف القاري للولايات المتحدة وفي مالي إضافة إلى اوستراليا التي منحت العام الماضي 18 ترخيصًا للتنقيب عن الهيدروجين الأبيض في جنوب أستراليا.

ولا يزال هذا النوع في المراحل الأولى من الاستكشاف والتنقيب، إضافة إلى مشاريع محدودة لانتاجه. ولكن يتوقع ان يشهد نمواً متسارعاً لأنه الأرخص والأكثر صداقة للبيئة. كما أنه بعكس الوقود الأحفوري يتجدد باستمرار في أعماق الأرض. وتفيد التقديرات المتوافرة من قبل مؤسسة سولار إمبلس، أنه يمكن استخراج حوالي 25 مليون طن من الهيدروجين الأبيض أو الطبيعي سنويا. ما يجعله اللون الأكثر أهمية بين ألوان الهيدروجين. 

الأمونيا و ألوان الهيدروجين 

لكي تكتمل صورة طاقة وألوان الهيدروجين، لا بد من الإشارة إلى غاز الأمونيا باعتباره الحصان الرابح في مزيج الوقود الهيدروجيني . وهو يتكون من ثلاث ذرات من الهيدروجين وذرة واحدة من النيتروجين. ويبدو أن الأمونيا التي تستخدم الهيدروجين الأزرق هي الأكثر قدرة على المنافسة، وتعرف بإسم الأمونيا الزرقاء. وقد بدأت السعودية والإمارات بإنتاجها.

يمتاز غاز الأمونيا بأنه استقراراً من الهيدروجين، ويمكن نقله بسهولة بحراً أو بواسطة خطوط  الأنابيب، ما يشكل حلاً لأحد أكبر مشاكل الهيدروجين النقي وهي تسببه بتآكل المعادن وتسربه من الشقوق بالغة الصغر. وقد أدى اكتشاف هذا العيب إلى إلغاء مشروع ضخم في اوستراليا لإنتاج الهيدروجين وتصديره عبر الأنابيب إلى سنغافورة، وتمت الاستعاضة عنه بتصدير غاز الأمونيا.

زر الذهاب إلى الأعلى