مؤتمر “طريق التنمية” يفشل في تحقيق هدفه وتساؤلات يطرحها مختصون

فشل مؤتمر “طريق التنمية” الذي احتضنته العاصمة بغداد مؤخراً، في تحقيق الهدف الرئيسي منه، وهو…

فشل مؤتمر “طريق التنمية” الذي احتضنته العاصمة بغداد مؤخراً، في تحقيق الهدف الرئيسي منه، وهو تعزيز الجهود وتوحيد الآراء حول مسار هذا المشروع، فيما رأى مراقبون أن إصرار الحكومة العراقية على تثبيت فكرة نجاح هذا المشروع يعتبر غريباً جداً.

وتساءل مراقبون عن السبب في عقد هذا المؤتمر، واستضافة وزراء نقل من دول مختلفة، وسط تناقضات جذرية في الرؤى ووجهات النظر التي طُرحت في هذا المؤتمر.

ووفقاً لبيان من المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، فقد انتهى المؤتمر إلى تشكيل لجان فنية لوضع التصوّر الكامل عن طبيعة وحجم مشاركة الدول الشقيقة والصديقة في هذا “المشروع الحيوي الستراتيجي”.

الدول التي حضرت إلى المؤتمر بحسب البيان، “المملكة العربية السعودية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، والجمهورية التركية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية العربية السورية، ودولة الإمارات العربية المتّحدة، ودولة الكويت، ودولة قطر، وسلطنة عمان، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي”.

ويؤكد السوداني “الأهمية الحاضرة والمستقبلية لمشروع طريق التنمية، وترابط أسباب التكامل الاقتصادي لدول المنطقة مع المصالح والشراكات التي سيعززها مسار الطريق، وكلّ المشروعات المرتبطة به”.

“المؤتمر شهد تبايناً في وجهات النظر كما توقعنا”.. هذا ما يقوله المستشار في الاقتصاد والنقل الدولي والباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية زياد الهاشمي، ويضيف “سوريا تقترح ربط هذا المشروع بموانئها بدلاً من الربط مع تركيا لان في ذلك جدوى اقتصادية افضل، وبدأت بتحديد المعوقات امام الطريق المقترح الحالي ومنها صعوبه التضاريس في الشمال العراقي وغيرها”.

“اما وزير النقل الاماراتي فأقترح ربط طريق التنمية مع الخط السككي الخليجي وهذا يعني اخراج ميناء الفاو من الخدمة”، وفقاً للهاشمي.

ويلفت إلى أن “وزير النقل العراقي اعلن عن المصادقة على الجدوى الاقتصادية الصادرة من شركة PEG الايطالية غير المتخصصة في قطاع النقل”.

ويتساءل الهاشمي، “ما فائدة ان يبني العراق خط نقل بري (طريق التنمية) بطاقة نقل كبيرة، دون ان يكون لدى العراق قاعدة زبائن جاهزة ومضمونة لاستخدام هذا الطريق، وهذه المشاريع يجب ان يسبقها (دراسة ومسح سوقي اقليمي ودولي) لخلق قاعدة زبائن وعلى أساسها يتم تصميم حجم المشروع ومساراته”.

ويؤكد أنه “لا يمكن الاستثمار بإنشاء مشروع دون ان تحدد مدى نجاحه وتنافسيته قبل ذلك، ومتطلبات سوق النقل وحاجة الزبائن هي العامل الحاسم في طريقة تخطيط المشروع ونجاحه، وليس رغبة الحكومة وطاقمها الاستشاري، ولا يتعلق نجاح المشروع بضخامة حجمه بل بحجم حركة التجارة التي يمكن ان يجذبها اليه”.

ويتابع الهاشمي: “العالم لن يغير من طرق وأساليب النقل المتعارف عليها حتى يرضي الحكومة العراقية، فسوق النقل تنافسي جداً ولا يتقبل التغيير بسهولة، فأي تغيير يتطلب مليارات من الاستثمارات لا تستطيع صناعة النقل تحملها”، متسائلاً “كيف ستتصرف الحكومة وماذا أعدت من بدائل ان لم تتحقق وعودها بنجاح طريق التنمية؟”.

ويختتم حديثه قائلاً: “اعتراضنا ينصب على طريقة إدارة الحكومة العراقية لملف مشروع طريق التنمية وليس على المشروع نفسه الذي نعتقد ان له أهمية اقتصادية ان تمت إدارته بطريقة واقعية احترافية تعتمد على متطلبات صناعة النقل وحركة التجارة”.

ويلفت بيان مكتب السوداني إلى أن “الوفود ناقشت المشاركة في عملية الشروع في الخطوات التنفيذية، وتحويل التفاهمات بين قادة وزعماء الدول إلى خارطة طريق تشهد البدء بالمشاريع التنموية المتعلقة بطريق التنمية، كما جرى البحث في أهمية المشروع لدول المنطقة، والشراكات الإقليمية وسبل توطيدها، والوصول إلى التكامل الاقتصادي بين الدول المشاركة، وتأسيس منصّات تنموية اقتصادية تعزز من قدرة شعوب المنطقة على مواجهة التحديات الاقتصادية”.

 وتفاوتت وجهات النظر بخصوص هذا الموضوع، حيث كتب مغردون ما يلي:

وكانت “العالم الحديد”، كشفت في تقرير سابق، عن وجود أخطاء استراتيجية بهذا المشروع، بحسب متخصصين في مجال النقل والاقتصاد الدوليين، أبرزها وجود خط سكك حديد يربط الموصل بالبصرة تمت المباشرة به منذ العام 2007، ولا يختلف مساره أو طاقته الاستيعابية عن الخط المزمع إنشاؤه، إلى جانب إشكالية فقدان البلاد لتقديم الضمان للشركات والدول التي ستستخدم الطريق الجديد.

إقرأ أيضاً: خفايا وأخطاء استراتيجية.. هل يهدر “طريق التنمية” المال العام؟

وفي تموز يوليو 2019، أعلن وزير النقل السابق، عبد الله لعيبي، عزم بغداد ربط البلاد بسكك حديد مع تركيا، مبيناً أن “كل عملية ربط بين دول تخضع لمعيارين، الأول هو الجدوى الاقتصادية، والثاني الاعتبارات السياسية”.

يذكر أنه بحسب تقرير مفصل نشرته “العالم الجديد” في 25 تموز يوليو 2020، فإن ميناء الفاو سيكون نقطة الربط بين شرق آسيا وبين أوروبا، وسيحول العراق إلى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة إلى تركيا ومنها إلى أوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع إلى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.

وما يزال العمل جاريا في “ميناء الفاو الكبير”، من قبل الشركة الكورية “دايو”، بعد أن حصلت على العقد، عقب لغط كبير بسبب منافستها من قبل شركة أخرى صينية بين منحها العقد أو للشركة الصينية المنافسة في العام 2020.

إقرأ أيضا